﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً﴾ أي من يشرك بالله أحدا فيدعوه معه، ويستغيث به، ويذكر اسم الله مع إسمه - كدعاء البعض للأنبياء والأولياء والأئمّة وغيرهم - فذلك من أقوى أنواع الشرك، وفي الحديث الشريف:«الدعاء هو العبادة» أي هو الركن الهام في العبادة، فيكون دعاء الشركاء المزعومين والتوسل بهم أو إليهم بمثابة عبادتهم.
١١٧ - ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً﴾ كاللات والعزّى ومناة، آلهتهم في الجاهلية، أطلقوا عليها أسماء مؤنثة ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطاناً مَرِيداً﴾ أي شيطانا تمرد عن الطاعة واستكبر، واعتاد الإغواء والإضلال إذ يوسوس في صدر الإنسان ويعده ويمنّيه، وقد يكون من شياطين الإنس المدّعين للزعامات ما يقارب ادّعاء الألوهية.
١١٨ - ﴿لَعَنَهُ اللهُ﴾ وهو الشيطان الذي يدعونه، أبعده تعالى من رحمته لقوله: ﴿وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾ النصيب المفروض هو الاستعداد للشر الموجود في نفس الإنسان، سواء قلّ أو كثر لقوله تعالى:
﴿وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ٩٠/ ١٠]، وقوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها﴾ [الشمس: ٩١/ ٨]، فكل إنسان يشعر بوسوسة الشيطان غير أنه ليس للشيطان سلطان على عباد الله المخلصين، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاّ مَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ﴾ [الحجر: ١٥/ ٤٢].
١١٩ - ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ﴾ عن الحق، أي الغاوين منهم ﴿وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾ بإلقاء الأماني الخادعة في قلوبهم، كطول الأعمار وبلوغ الآمال، فينهمكون باللذات