دورا كبيرا بها في محاولة شق صفوف المسلمين بعد أن خرجوا للقتال معهم ثم نكصوا على أعقابهم، وهكذا انكشف للمسلمين للمرة الأولى دور عدوهم الداخلي وبدت لهم نقاط ضعفهم، ومن المهم التمحيص في تحليل السورة لتلك المواقف، (الآيات ١٢١ - ١٧٥).
[ارتباط السورة بما قبلها]
هنالك نوع من الترابط والتكامل بين سورة آل عمران وسورة البقرة، ففي سورة البقرة المتقدمة دعوة اليهود للإيمان بخاتم الرسالات: ﴿وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة ٢/ ٤١]، وفي سورة آل عمران أن القرآن الكريم يصدّق فقط ما تبقى في كتبهم من الوحي الصحيح: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [آل عمران ٣/ ٣]، وأن أهل الكتاب أوتوا فقط نصيبا من الكتاب أي ما تبقى بين أيديهم من الوحي، ثم تولّوا عن القرآن: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [آل عمران ٣/ ٢٣].
وفي سورة البقرة أن المصرّين على الكفر والمشركين كرهوا نزول الوحي على العرب من بني إسماعيل: ﴿ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة ٢/ ١٠٥]، لأن رسالة الإسلام نسخت ما قبلها:
﴿ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة ٢/ ١٠٦]، وفي سورة آل عمران بيان إيتاء الرسالة بني إسماعيل ونزعها من بني إسرائيل: ﴿قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران ٣/ ٢٦]، وبيان ختم الرسالات بنزول الوحي على خاتم