للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾ بعد أن ذكر تعالى الصالحات منهنّ ذكر الآن غير الصالحات، والنشوز في الأصل هو الارتفاع فتكون الناشز هي التي تسيء السلوك مع زوجها وتسيء معاملته مترفّعة عليه، فعلى الزوج أن يبدأ معها بالموعظة الحسنة ﴿وَاُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاِضْرِبُوهُنَّ﴾ وأجمعوا أنّ الضرب يكون رمزيّا فهو بالسواك أو بمنديل، ويراعى فيه التخفيف على أبلغ الوجوه، ولا يكون على الوجه، وكلّما حصل الغرض بالطريق الأخف وجب الاكتفاء به (الرازي)، وفي كل الأحوال فإن الضرب لا يكون إلا لسبب جوهري، وليس ناتجا عن نزوة الزوج ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾ أي إن أطعنكم بإحدى هذه الأساليب فلا تبغوا بالتجاوز إلى غيرها، والمفهوم أن جميع هذه الأساليب خاصة بالناشز فقط، وأما الصالحات القانتات فلا سبيل عليهن حتى في الوعظ والنصح، فضلا عن الهجر والضرب (المنار)، ﴿إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً﴾ فسلطانه عليكم أعلى من سلطانكم على نسائكم، والمقصود زجر الرجال عن ظلم النساء.

﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾ (٣٥)

٣٥ - ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما﴾ فيما يتعلق بالناشز أو بالقوامة، وتقدير الخطاب: إن خفتم شقاقا بينهما أي بين الزوجين ﴿فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها﴾ والخطاب عام يدخل فيه الزوجان وذوو القربى والجيران والمعارف ممن يريد السعي للإصلاح، وكون الحكمين من أهله وأهلها على سبيل التفضيل لأنهما قد يكونا أدرى بظروف الزوجين الشخصية، ولا يشترط أن يكونا من الأهل ﴿إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما﴾ إن كانت النيات حسنة وصحّت إرادة الإصلاح لدى الحكمين أو الزوجين فالتوفيق كائن بإذن الله ﴿إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾ أي عليم بمصالح الزوجين وخبير بالنوايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>