٤٩ - بعد أن بينت الآية (٤٣) إنهم اتخذوا شفعاء من دون الله، وإن قلوبهم تشمئز من ذكر الله وحده، الآية (٤٥)، تضيف هذه الآية خصلة أخرى من خصالهم الفاسدة:
﴿فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا﴾ يفزعون إلى الله تعالى عند وقوعهم في الضرّ من مرض أو فقر ﴿ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ﴾ أعطيناه على سبيل التفضّل ﴿نِعْمَةً مِنّا﴾ كالعافية والغنى ﴿قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ﴾ أوتيت النعمة أو شيء منها ﴿عَلى عِلْمٍ﴾ أي استحقاقي لها كان بسبب مهارتي وحذاقتي لا غير ﴿بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ﴾ ردّ لقوله ذلك، فهي فتنة على سبيل الاختبار المقصود منها إظهار حقيقة المفتونين أو لتصفيتهم وتمحيصهم، انظر شرح [الأنفال ٢٥/ ٨]، ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾ لا يعلمون أن التخويل كان على سبيل الاختبار، كي تبرز خصال المرء إلى حيّز الواقع.
٥٠ - ﴿قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ لأن الكلام عن جنس الإنسان ﴿فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ من متاع الدنيا، وما أغنى عنهم ذلك الاعتقاد الباطل.
﴿فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ (٥١)
٥١ - ﴿فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا﴾ من الأعمال والعقائد الفاسدة ﴿وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ﴾ المشركين في كل زمن ﴿سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا﴾ فتلك قاعدة عامة، لأنّ أمور الدنيا والآخرة لا تسير اعتباطا ﴿وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ لا يستطيعون التنصل من العواقب ولا الهرب منها.