﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ﴾ وقتما كانوا في عالم الذرّ، عندما أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم، انظر [الأعراف ١٧٢/ ٧]، وقد أخذ تعالى ميثاقهم بتبليغ الرسالة والشرائع والدعوة إلى الدين الحق، وتصديق بعضهم بعضا، واتّباع بعضهم بعضا ﴿وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ﴾ عطف الخاص على العام، إيذانا بالمزيد من فضلهم ومزاياهم وكونهم من كبار الأنبياء ﴿وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً﴾ عهدا عظيم الشأن، تأكيدا على تأديتهم الرسالة على أتم وجه.
٨ - ﴿لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ﴾ الأنبياء ﴿عَنْ صِدْقِهِمْ﴾ ماذا كانت استجابة الناس لرسالاتهم الصادقة؟ انظر [المائدة ١٠٩/ ٥]، و [الأعراف ٦/ ٧]، ﴿وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ﴾ الذين أصرّوا على الكفر والإنكار وماتوا عليه ﴿عَذاباً أَلِيماً﴾ بما اختاروا لأنفسهم.
٩ - بعد أن ذكرت الآيتان (٧ - ٨) أخذ الميثاق من النبيين، وسؤال الصادقين عن صدقهم، ينتقل الخطاب إلى مثال تطبيقي عمّا قد يترتّب عن التبليغ والدعوة من مشاقّ، وهو وقعة الأحزاب أو وقعة الخندق كما عرفت:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ ما أنعم الله تعالى عليكم يوم الأحزاب ﴿إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ﴾ من قريش وحلفائها من قبائل جزيرة العرب، وبنو النضير وحلفاؤهم من يهود المدينة ﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها﴾ من عوامل الطبيعة كالبرد القارص والأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة ما جعل مستحيلا على الأحزاب متابعة الحصار، انظر الخلفية التاريخية ﴿وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ﴾ من حفر الخندق واستعدادكم واتخاذكم الإجراءات