مصر ﴿حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ بالعودة إليه ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي﴾ أي لصالحي فأتمكن من استعادة أخي ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ﴾ خير من حكم البشر إطلاقا.
٨١ - ﴿اِرْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا﴾ له ﴿يا أَبانا إِنَّ اِبْنَكَ سَرَقَ﴾ بحسب قول العزيز وأصحابه ﴿وَما شَهِدْنا إِلاّ بِما عَلِمْنا﴾ أي من ظاهر قولهم أن صواع الملك وجد في رحل بنيامين ﴿وَما كُنّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ﴾ فكيف كان لنا أن نعلم سلفا أنه سوف يسرق ويحتجز؟ فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وزيادة في التأكد:
٨٢ - ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها﴾ اسأل أهل القرية، والقرية هي مصر، لأن القرية بمعنى القوم أو المجتمع، والمعنى: إن لم تثق بما نقول أرسل من تثق به إلى مصر فليسأل أهلها عما حدث ﴿وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها﴾ أسأل أهل العير أيضا، أي المسافرين معنا في القافلة ﴿وَإِنّا لَصادِقُونَ﴾ في قولنا لم نختلق شيئا منه، كل ذلك كلام كبيرهم وهم يتشاورون، فرجعوا فقالوا لأبيهم ذلك فأجابهم:
٨٣ - ﴿قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً﴾ أي زيّنت وسهّلت لكم أنفسكم أمرا عظيما أدّى إلى فقدان بنيامين والنجاة بأنفسكم، يريد بذلك قولهم ليوسف: ﴿جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ﴾ فالعزيز أخذ بنيامين بفتواهم له، ثم قولهم: ﴿إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ وبذلك أكدوا ثبوت التهمة على أخيهم ولم يستغربوها ولم يحاولوا إنكارها ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أولى من الجزع، أو بمعنى: فصبري صبر جميل، أي لا شكوى فيه إلا لله تعالى، وهو ذات قوله وقت فقد يوسف ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً﴾ أي يوسف