للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محور السورة]

السورة بشارة للمسلمين بفتح مكة ودخول أهالي جزيرة العرب في الإسلام، وإذا أخذنا العبرة من عموم اللفظ لا من خصوص السبب فهي بشارة بانتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وأن ذلك يكون موجبا لتواضع المسلم وتسبيح الله وحمده واستغفاره، مع التوبة من الذنوب: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً﴾ [٣/ ١١٠].

[النظم في السورة]

﴿الآية الأولى تشير إلى عون الله لرسوله وللمؤمنين بفتح مكة في رمضان من سنة ثمان للهجرة: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ (١) وقالوا إن فتح مكة هو فتح الفتوح، وإذا اعتبرنا قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فتكون الآية بشارة للمسلمين في كل زمن بالنصر والفتح على قاعدة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ [محمد ٧/ ٤٧]،

وقد دخل أهالي جزيرة العرب بعد فتح مكة في الإسلام أفواجا: ﴿وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً﴾ (٢)، وفي (مسند أحمد) عن النبي أنه قال:

"ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله هذا الدين، بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل، عزّا يعزّ به الإسلام، وذلاّ يذلّ به الكفر"،

غير أن انتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها على هذا النحو لا ينبغي أن يدفع المسلم إلى الخيلاء والإعجاب بالنفس والتكبر، بل عليه التمسك بالتواضع والتسبيح وحمد الله على نعمائه والاستغفار من الذنوب والتوبة:

﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً (٣)﴾، وقوله ﴿تَوّاباً﴾ أي يقبل التوبة من عباده لأنّ الاستغفار إنّما ينفع إذا كان مع التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>