لم يحن وقت العاقبة بالنسبة إلى ما يعد به القرآن من الغيب، انظر شرح [الأعراف ٥٢/ ٧ - ٥٣]، ﴿كَذلِكَ﴾ أي مثل هذا التكذيب ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وكما يكذّب غيرهم في كل عصر من العصور، يعني قبل أن يدرسوا الوحي من حيث جدارته ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظّالِمِينَ﴾ كيف كان مآلهم.
٤٠ - ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾ رغم التكذيب المشار له آنفا، فمنهم من سيؤمن بالقرآن وإن طال تكذيبهم، وهو سبب الإمهال وتأخير العقوبة عنهم، لأن فعل ﴿يُؤْمِنُ﴾ يمكن أن يحمل معنى الاستقبال كما يحمل معنى المضارع، وفي المضارع يحتمل المعنى أنّ منهم من يؤمن به حاليا ولكنه يكذّب عنادا وجحودا ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ﴾ وهو حال الكفار الذين يبقون مصرّين على الكفر ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾ المعاندين والكفار.
٤١ - ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ﴾ وأصرّوا على الكفر، أيها النبي، أو أيها الداعية في كلّ زمن ﴿فَقُلْ لِي عَمَلِي﴾ وهو البلاغ المبين، وما أنا عليكم بمسيطر، ولست عليكم بحفيظ، ولا أكرهكم على الإيمان ﴿وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ﴾ لكم نتيجة عملكم من التكذيب والشرك والظلم والفساد ﴿أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ فيلقى كل إنسان جزاءه، ولا يحاسب بذنب غيره.
٤٢ - ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ بظواهرهم، وقلوبهم لا تعي شيئا، ولا تريد أن تعي شيئا ممّا تقول وممّا تقرأ من القرآن، وذلك لشدة عصبيتهم وإصرارهم على ما توارثوه من آبائهم وأجدادهم، ولشدة بغضهم وعداوتهم للإسلام، حتى بلغوا منتهى النفرة عن قبوله ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ﴾ شبّههم تعالى بالصمّ مجازا، لأنهم لا يعقلون ما يسمعون، أي لا