للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليست تحريضا على المبادرة بالحرب أو العدوان، وقد امتثل النبي لأمره تعالى بالثبات وحده في وقعة أحد حين انهزم عنه الناس، وصمد وحده في وقعة حنين حين أعجبت المسلمين كثرتهم ثم انهزموا عنه، والمعنى أيضا دع المنافقين وشأنهم إن لم يقاتلوا معك وحرض المؤمنين فقط ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي ما عليك سوى تحريضهم فحسب، لا تعنيفهم، كي يخرجوا للقتال بدافع الإيمان ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وذلك بأن تستعدوا وتتهيؤوا لقتالهم ﴿وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً﴾ لأن سنّته تعالى سبقت بأن تكون العاقبة لأهل الحق، إذا اتقوا أسباب الخذلان، واتخذوا أسباب الدفاع مع الصبر والثبات، لا أن ينصرهم تعالى وهم قاعدون ومقصّرون.

﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً﴾ (٨٥)

٨٥ - ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها﴾ الشفاعة من الشفع - وهي عكس الوتر أي الفرد - ومعناها أن ينضم المرء لصاحب الحاجة يريد مساعدته فيصير شفيعا له، وفي الآية السابقة حثّ تعالى نبيّه على القتال بمفرده إذا لزم، وفي هذه الآية أنّ من يشفع النبي أو غيره من المؤمنين بالقتال في سبيل الله يكن له نصيب من الأجر والثواب ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها﴾ والشفاعة السيئة هي أن يشفع المرء للكفار بإعانتهم على قتال أهل الحق فيكتسب بذلك نصيبه من الوزر والإثم - وهو الكفل -، ويحتمل المعنى أيضا الحالة العامة أي الشفاعة مع الآخرين على عمل الخير، وعكسها وهو إعانة الآخرين على الشر ﴿وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً﴾ أي حافظا أو شاهدا أو مقتدرا، و ﴿كانَ﴾ معناها أنه تعالى كان على ذلك منذ الأزل، ولم يزل، ولا يزال.

﴿وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>