للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٩ - ﴿وَلَمّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا﴾ أي لمّا اشتد ندمهم على ما فعلوا، وهي النتيجة الطبيعية للضلال، ويقال للنادم المتحير سقط في يده مجازا، بمعنى سقط الندم في يده ﴿قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ اعتراف منهم بأنه لا يسعهم بعد الضلال سوى رحمة ربهم.

﴿وَلَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ اِبْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ (١٥٠)

١٥٠ - ﴿وَلَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً﴾ غضبان على أخيه هارون لما رأى من ضعفه مع قومه وعدم ضبطه لهم، وأسفا حزينا على ما بدر من قومه من الكفر والشرك ﴿قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي﴾ الخطاب بالجمع: لأخيه هارون لضعفه مع القوم، ولقومه بسبب كفرهم ﴿أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ﴾ يحتمل معنيين: الأول: أجعلتم من أمر ربّكم عجلا يعبد؟ والثاني: استعجلتم وأشركتم ولمّا يأتكم أمر ربّكم؟ أو استعجلتم وأشركتم بعدما لقّنتكم التوحيد ونهيتكم عن الشرك؟ أو استعجلتم واستوجبتم غضب ربّكم بهذا الكفر؟ ومنه قوله تعالى: ﴿خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ﴾ [الأنبياء ٣٧/ ٢١]،

﴿وَأَلْقَى الْأَلْواحَ﴾ ذهل عنها من شدة الغضب، وعمّا فيها من الأمر بالحلم عند الغضب ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾ من شدة غضبه وحزنه، ظنّا منه أنه قصّر في كفّ القوم عن عبادة العجل ﴿قالَ اِبْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اِسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾ اعتذر هارون بالضعف وخوف القتل، وفي آية أخرى اعتذر بالخشية من وقوع النزاع والفرقة بين قومه [طه ٩٤/ ٢٠]، ﴿فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ﴾ فيزداد موقفي سوءا ﴿وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ لا تسوّيني بهم، لأن ما فعلوه كان رغما عني ولم أقبل به.

<<  <  ج: ص:  >  >>