للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم مقبلون على نظام اجتماعي جديد، وأن مبدأ المقاومة السلبية الذي ميّز السنين الأولى للدعوة قد حلّ محلّه مبدأ أخذ زمام المبادرة والعمل، هذا المبدأ الذي ميّز التاريخ الإسلامي فيما بعد وكان له أكبر الأثر في انتشار الدعوة.

[ارتباط السورة بما قبلها]

بعد أن بينت سورة الأعراف الطريقة المثلى في الدعوة إلى الإسلام بقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾ [١٩٩/ ٧]، تبين سورة الأنفال أن الدعوة تستدعي الجهاد، بمعناه الشامل، للدفاع عن العقيدة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [٢٤/ ٨] أي إذا دعاكم إلى الجهاد بمعناه الأشمل.

وفي سورة الأعراف المتقدمة أنّ من يغلق عقله سلفا بالتقليد ينسلخ عن الآيات ويتّبع وساوس الشيطان: ﴿وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ﴾ [١٧٥/ ٧]، ثم في سورة الأنفال أنّ أمثاله كالدواب: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ [٢٢/ ٨]،

وفي سورة الأعراف أن الشيطان يوسوس لبني آدم بشتى الوسائل [١٧/ ٧]، حتى يصير وليا للكفار: ﴿إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ [٢٧/ ٧]، فيحسب الضالون أنهم مهتدون: ﴿إِنَّهُمُ اِتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [٣٠/ ٧]، ثم في سورة الأنفال أن الشيطان زيّن لكفار قريش أعمالهم: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ﴾ [٤٨/ ٨]،

وفي سورة الأعراف أنّ اليهود سينالهم غضب من ربهم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اِتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ﴾ [١٥٢/ ٧]، وكذا في آية الأعراف [١٦٧/ ٧]، ثم في سورة الأنفال أن اليهود كالدواب، وأنهم لا يحفظون عهودهم: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>