للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مصر ويستبطئون وعد الله، وقبل ذلك قالوا له في مصر ﴿قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا﴾ [الأعراف ٧/ ١٢٩]، وكان موسى يحاول نزع ما في قلوبهم من الشرك، وما في نفوسهم من الذلّ الذي طبعوا عليه في مصر، وأن يدخل بهم فلسطين، ولكنهم عصوه فقالوا له ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا﴾ [المائدة ٥/ ٢٤]،

﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ بماديتهم لأنّ من يكون ماديا صرفا يكون ذليلا، انظر آية [الأعراف ٧/ ١٦٧]، ﴿وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ﴾ بتفضيلهم ماديّة الدنيا على سموّ الرسالة ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾ كلمة ﴿ذلِكَ﴾ إشارة إلى الذلّة والمسكنة التي ضربت عليهم، وأنّ سببها كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء، وهو ما حصل في حقبة لاحقة من التاريخ اليهودي وفعل ﴿كانُوا﴾ يتضمن معنى الاستمرارية ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ أي مع علمهم أنّهم على غير الحق بقتل الأنبياء ﴿ذلِكَ﴾ أي ضرب الذلة والمسكنة عليهم ﴿بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ﴾ بسبب عصيانهم وعدوانهم.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (٦٢)

٦٢ - بعد أن أسهبت الآيات السابقة في بيان معاصي اليهود وخسّة نفوسهم وجرائمهم، حتى ليحسبهم المرء من الخاطئين جميعا، استثنت هذه الآية الصالحين منهم وطمأنتهم أنّ الله تعالى يحاسب الناس فرادى ولا يحاسبهم أقواما: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ الذين آمنوا برسالة النبي محمد ﴿وَالَّذِينَ هادُوا﴾ اليهود، وقيل سمّوا يهودا لقول موسى: ﴿إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ﴾ [الأعراف ٧/ ١٥٦]، وقيل لنسبهم إلى يهوّذا ابن يعقوب ﴿وَالنَّصارى﴾ مشتقة من النصرة لأنّ عيسى قال للحواريين ﴿قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ﴾ [آل عمران ٣/ ٥٢]، وهم الذين نصروا عيسى وبقوا على النصرانية، ولم ينحرفوا عن رسالته كما فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>