إليه المرء: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ * نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ (٥٦)، وأن عقائدهم وأعمالهم على النقيض مما جاءت به الرسل: ﴿بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ﴾ (٦٣).
فما لهم لا يفقهون القرآن إذ هو استمرار لما سبق من تنزيل الوحي: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ (٦٨)، وأنّى لهم إنكار خاتم الأنبياء والرسل المذكور في كتبهم: ﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ (٦٩)، فقد جاءهم القرآن بكل ما يحتاجون إليه من حقائق ومعارف فأعرضوا عنها: ﴿بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ (٧١)، وأصرّوا على الكذب على أنفسهم: ﴿بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ (٩٠)، لكن دفع الشر لا يكون بمثله، بل بخير منه: ﴿اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ﴾ (٩٦)، حتى إذا حان وقت الحساب أدركوا أن دنياهم لم تكن شيئا في جنب الآخرة: ﴿قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ﴾ (١١٢ - ١١٣)، وإذ كانوا يتوقون للخلود في دنياهم فقد أدبر عنهم في الآخرة مفهومهم الدنيوي للزمن الذي طالما تشبثوا به.
﷽
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (١)
١ - ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ الفلاح الفوز بالمرام، والبقاء في الخير.