للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه، انظر [لقمان ١٢/ ٣١]، ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ الوزر هو الحمل الثقيل، وهو أيضا الإثم لأنه يثقل صاحبه، والمعنى أنه لا تحمل حاملة حمل أخرى، أو لا تأثم آثمة بإثم أخرى، وهو مبدأ المسؤولية الفردية في الإسلام بأن لا يحمل أحد ذنب غيره، لأنهم كانوا يعتقدون أنّ بعضهم يستطيع أن يحمل إثم بعض، ومن جهة ثانية فقد اخترعت المسيحية فكرة (الخطيئة الأصلية) وابتدعوا أن المسيح افتدى واحتمل خطاياهم سلفا نيابة عنهم ﴿ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ويحاسبكم كلاّ بعمله، وليس بعمل غيره ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ يعلم ما في صدوركم من النوايا والدوافع.

﴿وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ﴾ (٨)

٨ - وهذه الآية تبيّن حال المذبذبين أنصاف المؤمنين: ﴿وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ﴾ من مرض وفقر وغيره من المكاره ﴿دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ﴾ راجعا إليه ممّن كان يدعوه من دون الله في حالة الرخاء، لعلمه أنّ من دون الله عاجز عن كشف المضرة ﴿ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ﴾ إذا أنعم الله تعالى عليه تفضّلا منه ﴿نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ﴾ نسي الضر الذي كان يدعو الله تعالى لإزالته ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ التحويل ﴿وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً﴾ شركاء ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ فلا يقتصر الضلال على نفسه بل يدعو غيره إلى الضلال إما بفعله أو بقوله، لأنّ اللام لام العاقبة ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً﴾ زمنا قليلا أو تمتعا قليلا ﴿إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ﴾ فهي النتيجة الطبيعية لأمثاله.

﴿أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>