للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للهجرة، أما الذين حافظوا على العهود من المشركين فقد أمر تعالى المؤمنين إتمام كامل مدة العهد إليهم كما سوف يرد في الآية (٤)، ﴿وَاِعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾ أنتم في ملك الله وسلطانه حيثما كنتم وحيثما ذهبتم، وإن أصررتم على الشرك والعدوان لا تجدون مهربا ﴿وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ﴾ المصرّين على الكفر منكم تكون عاقبتهم الذل والهوان.

﴿وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ (٣)

٣ - ﴿وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ الأذان في اللغة هو الإعلام والإعلان بالشيء، ومنه الأذان للصلاة، أي إعلان وقتها ﴿إِلَى النّاسِ﴾ المعنى أن هذا الأذان أو الإعلام صادر من الله ورسوله إلى الناس، والمقصود بهم سكان جزيرة العرب ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ ليكن هذا الأذان إلى الناس جميعا، مؤمنين ومشركين، معاهدين وغير معاهدين، يوم الحج الأكبر، وهو يوم عرفة، لقوله : «الحج عرفة»، لأن أهم أعمال الحج هو الوقوف بعرفة، وقيل هو يوم الأضحى يوم النحر، وقيل لأنّ العمرة هي الحج الأصغر ﴿أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ أي من عهودهم ﴿وَرَسُولِهِ﴾ أيضا بريء من عهودهم، وهو مضمون الأذان بالبراءة المشار إليها في الآية (١)﴾، والخلاصة، التأكيد على إعلان البراءة يوم الحج الأكبر ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ﴾ أيها المشركون عن الشرك والكفر والغدر ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ النفع يعود عليكم وحدكم ﴿وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ عن التوبة والإيمان ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾ فهو قادر على مجازاتكم، وأنتم تحت قهره ومشيئته، ولا تضرّونه شيئا ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ في الآخرة، لأنه إن فاتهم عذاب الدنيا أو زال عنهم فلا يخلصون من عذاب الآخرة، وفي معنى البشارة قال الشيخ محمد رشيد رضا إنها ما يؤثر في البشرة من الأنباء، إمّا بالتهلل وإشراق الوجه من السرور الذي تنبسط به أسارير الجبهة وتتمدد، وإمّا بالعبوس وتقطيب الوجه من الكدر أو الحزن دو الخوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>