وتكون حال المجرمين على النقيض من ذلك: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظّالِمِينَ﴾ (٧٤ - ٧٦)،
ولشدة يأسهم يتمنون الموت فلا يأتيهم: ﴿وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ﴾ (٧٧)
والسبب أنهم كرهوا الإسلام والقرآن في حياتهم، ورفضوا التوحيد الذي دعاهم إليه عيسى من قبل (الآية ٦٤)، وهنا تعود السورة إلى النقطة التي بدأت منها في (الآية ٥): ﴿لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ (٧٨)،
وقد أصرّوا على تأليه عيسى وناقضوا ما جاء به القرآن، فهل كانوا يظنون أن بإمكانهم تكييف الحقيقة على هواهم: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنّا مُبْرِمُونَ﴾ (٧٩)،
ثم تشير السورة من طرف خفي إلى استغراق المسيحية عبر القرون في النقاش حول "طبيعة" عيسى وتأليهه والزعم أنه ابن الله خلافا للنصرانية الصحيحة: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ (٨٠)،
وأن الرسول ﷺ أول العابدين للرحمن وحده ناقضا زعمهم أن المسيح إله أو ابن الله: ﴿قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١)﴾ أي أوّل العابدين