للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيهديهم إلى الإسلام، وهم الذين لم يختم على قلوبهم نتيجة إصرارهم على الجحود والتكذيب، أو نتيجة جمودهم على ما ألفوه من التقليد ﴿وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن يتوب عن الشرك والمعاصي،

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (٢٨)

٢٨ - هذه الآية تعطي المزيد من التفصيل عن البراءة إذ تحرّم على المشركين الاقتراب من الحرم وبها إيضاح للآية (١٧)﴾: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ أي ذوو نجس، وهو نجس معنوي بالمعنى اللغوي المعروف عند العرب، وهو مغاير للنجس العرفي عند الفقهاء، والمقصود فساد عقائد المشركين وبواطنهم، وأنّ مجتمعاتهم تضمر الشر والأذى والكيد للمسلمين، راجع شرح آية [الأعراف ٧١/ ٧]، ﴿فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ﴾ وهو جميع الحرم المحيط بمكة، حرّم عليهم الاقتراب منه، إذ يخشى من إحياء عباداتهم وطقوسهم وشركهم إذا هم أقاموا في الحرم، ثم توسّع هذا المنع في الحديث الشريف بأن منعهم من الإقامة الدائمة في جزيرة العرب، راجع شرح [الأنفال ٥٦/ ٨]، ﴿بَعْدَ عامِهِمْ هذا﴾ بعد العام الذي حصل فيه النداء بالبراءة، وهو السنة التاسعة من الهجرة ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ أي فقرا، لأنّ منع المشركين من العيش في مكة أو زيارتها قد يؤدي لتدهور مركزها التجاري والفكري، ومن ثمّ إلى فقر أهلها ﴿فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ للدلالة على أن هذا الوعد يكون أكثره في المستقبل ﴿إِنْ شاءَ﴾ علّقه تعالى على مشيئته، لأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وللدلالة على أنّ سنته تعالى اقتضت أن يكون الكسب بأسباب من سعي البشر لا بد من القيام بها، وبتوفيق منه تعالى، وكلا الأمرين مجهول عندهم، وهي الحكمة من إبهامه، ولكي لا يتكلوا فيتركوا الأسباب ﴿إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ جميع الأمور تجري بمقتضى علمه وحكمته وسننه.

<<  <  ج: ص:  >  >>