قساوة، وهنالك معنى آخر؛ إذ يحتمل أن يكون في الخطاب محذوف وتقديره:
فويل للقاسية قلوبهم من نسيان ذكر الله، أي بحذف المضاف، وهو شائع في التنزيل، انظر إعراب القرآن للزجاج، الباب الثاني ﴿أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ذوو القلوب القاسية الذين يشمأزون من سماع القرآن، أو يهملون دراسته، يقعون في أقصى درجات الضلال.
٢٣ - في هذه الآية عودة إلى بداية السورة بالآيات (١ - ٢)، وهي في الوقت ذاته استمرار للآية المتقدمة لأن انشراح الصدر للإسلام مترتب على قراءة القرآن وفهمه واستيعاب معانيه:
﴿اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ هو القرآن الكريم ﴿كِتاباً مُتَشابِهاً﴾ لأن القصص والحقائق تتكرر فيه من عدة أوجه فهي تشبه بعضها بعضا ﴿مَثانِيَ﴾ بمعنى التكرير والإعادة ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ من الرهبة ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ﴾ تسكن وتطمئنّ إلى ذكر رحمته تعالى ﴿ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ من يشاء الهداية، أو يشاءتعالى أن يوفقه للهدى ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ﴾ لسوء استعداد الفرد ﴿فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ فيخليه تعالى لنفسه ويخذله ولا يجبره على الهدى.
٢٤ - ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ عطف على الآية (٢٢)﴾ واستمرار لمعنى القاسية قلوبهم من ذكر الله لأنهم سوف يواجهون عذاب الآخرة بوجوههم وليس من شيء يتّقون به، وتتمة الخطاب محذوف تقديره: هل يكون كمن هو آمن من العذاب؟ ﴿وَقِيلَ لِلظّالِمِينَ﴾ استخدام