للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لفرعون فقط، والدنيا دول ﴿وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ العاقبة الحسنة تكون للذين يتقون الله بمراعاة سننه في أسباب إرث الأرض، كالاتحاد، والعمل، والعدل، والتزام الحق، والصبر على الشدائد، والاستعانة بالله، وإقامة شرعه، والمغزى إذا سرتم على هذه الأسس وفق نظام سننه تعالى في خلقه كانت العاقبة الحسنى لكم.

﴿قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ (١٢٩)

١٢٩ - كان توهّم بني إسرائيل أن الظفر على فرعون يتم بلا عمل ومن دون تضحيات، وأنّ مجرّد بعث النبي موسى بينهم يضمن النصر لهم، فقالوا لموسى:

﴿قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا﴾ أي لم نستفد شيئا من بعثتك، فقد كنّا نتحمّل أذى فرعون قبل مجيئك، ثمّ تفاقم هذا الأذى بعد مجيئك، وفي هذا القول نوع من الوقاحة من جانب بني إسرائيل، وهو في الوقت نفسه مقدّمة لما سوف يلقاه موسى من العنت والمعاندة منهم، وقد قالوا له بعد ذلك في سيناء: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنّا هاهُنا قاعِدُونَ﴾ [المائدة ٢٤/ ٥]، انظر أيضا آيات [البقرة ٦١/ ٢، ٢٤]، وآيات [المائدة ١٢/ ٥ - ٣٢]،

﴿قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ أي نرجو الله تعالى أن يهلك عدوكم فرعون، ويجعلكم خلفاء في فلسطين، والمقصود من تعبير ﴿عَسى﴾ إفهامهم أنه يلزمهم التقوى والعمل الجاد وتحمل المشاق كي يصلوا إلى مبتغاهم ﴿فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ أي إنه تعالى يحكم عليكم وفق أعمالكم، هل تشكرون النعمة أم تكفرونها؟ وهل تقيمون العدل أم تظلمون؟ وهل تصلحون في الأرض أم تفسدون؟ وهل تكونون صالحين لحمل الرسالة إلى غيركم؟ وهل تكونون قدوة لغيركم؟ والنتيجة أنه تعالى يحكم عليهم وفق ما يعملون، وليس وفق ما يعلمه بالغيب منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>