٣٥ - ﴿وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ لم يكتف المشركون بإنكار الآخرة، الآية (٢٢)، والزعم أنّ القرآن الكريم أساطير الأولين، الآية (٢٤)، بل أضافوا التشكيك بحرية الخيار التي منحها تعالى للبشر، فزعموا، تهربا من مسؤوليتهم الأخلاقية، أن لا خيار لهم فيما هم عليه من العقيدة، وأرجعوا شركهم إلى المشيئة الإلهية ﴿كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من المصرّين على الضلال ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ ليس على الرسل قهر الناس على الخيار الصحيح، لأنّ القهر يناقض الحكمة من التكليف، والمشيئة الإلهية المتمثلة في علم الله القديم الذي هو من صفات الألوهية لا يستوجب إلغاء الإرادة الفردية،
٣٦ - ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً﴾ فلم يبق لأحد عذر بالجهل، والخطاب مرتبط بالآية (٩)﴾ أن الله تعالى يرشد الناس إلى السبيل القويم ﴿أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ﴾ وحده، واتقوا الشرك بكل أشكاله لما فيه من حط لكرامة البشر، ولانعكاسه سلبا على نمو الإنسان الروحي والأخلاقي ﴿وَاِجْتَنِبُوا الطّاغُوتَ﴾ من رؤوس الشر والضلال ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ﴾ بلطف الله وتوفيقه لمن حافظ على سلامة الفطرة فاستفاد من الهدي الإلهي ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ بعناده واستكباره وسوء استعداده فيخليه الله تعالى لنفسه ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ لأن سننه تعالى في خلقه لا تتغير،