١٣ - بعد أن ذكر تعالى أن الكفار سوف يغلبون في النتيجة، ضرب مثلا بأحداث بدر فقال عزّ من قائل: ﴿قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ اِلْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ﴾ المعنى لا يغرنّكم كثرة المال والعدد ولا تحسبوا أنهما بذاتهما فقط سببا للنصر فقد كان نصر المسلمين في بدر آية، أي معجزة لأولي الأبصار بما اشتملت عليه من العبر، إذ خرج الكفّار متأهّبين للحرب متفوّقين بكثرة سلاحهم وخيلهم وعددهم وهم متمرّسون في الحرب والقتال وكانوا في حالة من الغرور والاستعلاء والاعتداد بالنفس، ومن جهة ثانية اتجه المسلمون إلى بدر وهم قلّة في العدد والسلاح والخيل ولكن في حالة من الانضباط والتواضع والدعاء والتقوى والتضرّع والذكر، ثمّ أحرز المؤمنون نصرا ساحقا على العدوّ المتفوّق، فكانت النتيجة معجزة بيّنة وصدمة مخزية وإذلالا لقريش بعد أن أتت بجبروتها وخيلائها فأصابتها الهزيمة الماحقة على أيدي مجموعة صغيرة من فلاّحي المدينة وقلّة من المستضعفين الهاربين من الاضطهاد في مكة ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ كان المشركون في بدر ثلاثة أضعاف المسلمين ولكنهم رأوا المسلمين بضعف عددهم الحقيقي ﴿وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ تلك هي المعجزة الباهرة فالنصر يحصل بتأييد الله لعباده الموقنين وأنّ كثرة العدد والشوكة والسلاح بذاتها لا تكفي ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ﴾ الذين يتأملون في الأمور وأسبابها وعواقبها.