للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلطة التي قد تتمتع بها، وتظن أن ذلك علامة على استحقاقها، وتشعر أنها في منتهى الاطمئنان والتحكم في دنياها، مستبعدة العاقبة والحساب، تكون نتيجتها الطبيعية إلى زوال: ﴿وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ﴾ القرية في عرف القرآن هي المجتمع، ومجيء البأس بياتا بمعنى ليلا والناس نائمون مطمئنون، أو هم قائلون أي خلال فترة القيلولة، والمغزى أنهم في منتهى الغفلة، والأمثلة على ذلك كثيرة كما سوف يرد بالتفصيل بالآيات (٥٩ - ١٧١)،

﴿فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاّ أَنْ قالُوا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ (٥)

٥ - ﴿فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاّ أَنْ قالُوا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ ما كان قولهم إلاّ الندم والحسرة والمعذرة بعد فوات الأوان، وهي الأمم والمجتمعات التي غفلت، ثم تدهورت وأصابها الانحلال والفساد والاضمحلال، والأمم قلّما تشعر بعاقبة ذنوبها قبل وقوع العقوبة، ولا ينفعها بعد ذلك قول العارفين أنّهم كانوا ظالمين،

﴿فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ (٦)

٦ - ﴿فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ المسؤولية متحققة بعد نزول الرسالات السماوية، ولا يفيد الأمم والمجتمعات الندم أو ادّعاء الجهل، فهي مسؤولة عن أعمالها بعد أن جاءتها الأنبياء والرسل بالنذر والذكرى ﴿وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ فما على الرسل إلاّ البلاغ، انظر شرح آية [المائدة ١٠٩/ ٥].

﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنّا غائِبِينَ﴾ (٧)

٧ - ﴿فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ﴾ أصل القصّ تتبع الأثر، والمقصود يعرض على الناس سجل أعمالهم المحفوظ عليهم، يحاسبون به وقت البعث ﴿وَما كُنّا غائِبِينَ﴾ عمّا كانوا يعملون في الحياة الدنيا، انظر آية [الإسراء ١٣/ ١٧ - ١٤]، وآية [القيامة ١٤/ ٧٥ - ١٥]،

<<  <  ج: ص:  >  >>