للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾ (١٤)

١٤ - ﴿اِقْرَأْ كِتابَكَ﴾ كتاب أعمالك ﴿كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾ فانظر تحقق العدالة بنتيجة ما تراه من كتاب أعمالك،

﴿مَنِ اِهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ (١٥)

١٥ - ﴿مَنِ اِهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ لأن ثواب العمل الصالح مختصّ بفاعله ﴿وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها﴾ وبال ضلاله يعود عليه لا يتعدّاه ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ الوزر في اللغة هو الحمل، ثم استخدم للإثم لأنه يثقل ظهر حامله، والمعنى إنّ كل أحد مختص بذنب نفسه، فلا يستطيع أن يحمل من ذنوب غيره، ولا الآخرين يستطيعون أن يحملوا من ذنوبه، لأنّ المقلّدين زعموا أنهم إن لم يكونوا على الحق فالتبعة على أسلافهم الذين قلّدوهم، جاهلين أن لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، وبالمناسبة فإنّ هذه القاعدة تنفي زعم المسيحية إن المسيح تحمّل أخطاء البشرية سلفا نيابة عنها، كما تنفي زعم اليهود إنهم شعب الله المختار وإنّ ذنوبهم مغفورة بدعوى نسبهم إلى إبراهيم ﴿وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ﴾ أحدا على ذنوبه ﴿حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ يبيّن للناس الحق من الباطل، فتنزاح الأعذار عنهم سلفا،

﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً﴾ (١٦)

١٦ - ﴿وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً﴾ القرية في لغة القرآن هي المجتمع أو الأمّة ﴿أَمَرْنا مُتْرَفِيها﴾ بالاستقامة وفق ما جاءت به الرسل المشار إليها في الآية السابقة، وقوله ﴿مُتْرَفِيها﴾ لأنهم، في العادة، يكونون مالكين لمقاليد الأمور في مجتمعاتهم ﴿فَفَسَقُوا فِيها﴾ خرجوا عن الحق، واتّبعوا أهواءهم ومقاييسهم الوضعية، وتمسّكوا بالتقليد بدلا من اتباع ما أمروا من الاستقامة ﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ﴾ بنتيجة معصيتها وفسادها ﴿فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً﴾ تدميرا مرتبطا بفسادها وفسقها، كارتباط السبب بالمسبّب،

<<  <  ج: ص:  >  >>