للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (٥١)

٥١ - ﴿قُلْ﴾ لهؤلاء المنافقين ﴿لَنْ يُصِيبَنا إِلاّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا﴾ وهو بمعنى قوله : «جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة»، أي في علم الله المسبق ﴿هُوَ مَوْلانا﴾ يتولاّنا وحده بالتوفيق والنصر ﴿وَعَلَى اللهِ﴾ وحده ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ بأن يفوّضوا أمرهم إليه سبحانه، بعد القيام بما أوجبه عليهم شرعه من اتخاذ الأسباب الدنيوية المادية والمعنوية، لأن التوكل يلزم أن يرافقه العمل والتدبير، والمغزى أننا نحن المؤمنين نتخذ الحيطة بالأسباب الدنيوية، ونتوكل على الله، أمّا أنتم فمتهالكون على الدنيا بأي ثمن.

﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿قُلْ﴾ لهم أيضا، وهو الجواب الثاني على فرح المنافقين بمصائب المؤمنين ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ التربّص هو الانتظار مع توقّع الشيء، والمعنى أنّ انتظاركم بنا الشر وتوقعكم سينجم عنه أحد أمرين: إما أن نفوز بالظفر، أو بالشهادة، وكلاهما عندنا حسن ﴿وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ فتصيبكم قارعة من السماء كما حدث لعاد وثمود ﴿أَوْ بِأَيْدِينا﴾ لأنه إذا ظهر نفاقكم على الملأ واتضح كونكم في صفّ المشركين، حلّ لنا قتالكم ﴿فَتَرَبَّصُوا﴾ ما يحدث لنا من إحدى الحسنيين، بعد أن أعددنا العدّة وتوكلنا على الله ﴿إِنّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾ عاقبة أمركم السيئة.

﴿قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿قُلْ﴾ لهؤلاء المنافقين أيضا، الفرحين بأنهم أخذوا حذرهم بزعمهم، وقد عرضوا إنفاق أموالهم لصالح الجهاد تقية ورثاء الناس: ﴿أَنْفِقُوا طَوْعاً﴾ لغرض التقية ﴿أَوْ كَرْهاً﴾ خوف العقوبة ﴿لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ﴾ المعنى: إن تنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبّل منكم في الحالتين، ما دمتم على الكفر وعلى الشك والنفاق، ولأن إنفاقهم ليس عن إيمان وإنما عن خوف، والمقصود أنه تعالى لا

<<  <  ج: ص:  >  >>