﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾ (٢١)
٢١ - ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا﴾ بمعنى القبول ظاهرا ﴿وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾ لأنهم قبلوا الرسالة بالكلام فقط، دون استيعاب لمعناها، ودون القيام بما يترتب عليها من عمل، أو أنهم قالوا ذلك نفاقا.
٢٢ - ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ﴾ شرّ من يدبّ على الأرض عند الله ﴿الصُّمُّ﴾ شبههم تعالى بالصمّ، لأنهم لا يريدون سماع الرسالة سماع فهم وتفكّر، بل يسمعون للشغب والتشويش، وقد اتخذوا منها مواقف مسبقة ﴿الْبُكْمُ﴾ لأنهم لا يقرّون بالحقيقة، أو هم غير قادرين على الإقرار بها ﴿الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ﴾ فلم تعمل عقولهم للاستفادة من حواسهم، وهو سبب وصفهم بالدواب.
٢٣ - ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً﴾ استعدادا صالحا ﴿لَأَسْمَعَهُمْ﴾ ولكنهم أفسدوا نفوسهم بالبهيمية وسوء القدوة والعصبية والمكابرة والتكبّر، فلم يتركوا لأنفسهم أي إمكانية خير فانتفت إمكانية سماعهم، ولو كان لديهم قليل من الاستعداد للتفكر والنظر، لدخل فهم القرآن في قلوبهم، ولسمعوه سماع تفقّه وتعقّل، ثم سماع اعتبار وعمل ﴿وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ﴾ وهم في هذه الحال التي جعلوا أنفسهم فيها من انغلاق الفكر ﴿لَتَوَلَّوْا﴾ لارتدّوا ﴿وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ عن القبول، لأنهم اختاروا الإعراض عن الحق، وأداروا ظهورهم للدلائل، فلا يقبلون الحق ولا ينتفعون به البتة مهما عرض عليهم.