١٢٥ - ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ﴾ يشرح الله تعالى صدر من حافظ على سلامة فطرته، وابتعد عن الكبرياء والحسد، وحافظ على استقلال الفكر، ورفض التقليد والعصبية، عندما يدرس الإسلام دراسة موضوعية يجد فيه الحقيقة التي يبحث عنها فينشرح صدره للإسلام، ويشعر بالسرور والقبول تجاهه ويفيض علم القرآن ونوره في قلبه وعقله ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾ وهو الشخص المصر على الكفر، الذي أفسد فطرته بالأفكار الشاذة التي تربّى عليها وقبلها، وضاق تفكيره بما لا يطابق ما اعتاد عليه من عقيدة أهله وقومه، حتى لا يكاد يستطيع الإطلاع على غيرها من العقائد، ناهيك عن دراستها دراسة جدية موضوعية، وهو إلى كل ذلك متكبر معجب برأيه وبما هو عليه من الضلال، وهو في نفس الوقت حسود لأنه يرى نفسه وقومه أحق من الآخرين بالمعرفة الحقيقية، فينفي سلفا إمكانية صواب غيره ﴿كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ﴾ وهو تشبيه علمي، لأن من يرتقي في طبقات الجو العليا يضيق صدره لقلة كثافة الهواء كلما ازداد صعودا، فيصعب تنفسه ويشعر بثقل وضغط كبير على صدره - وهو من إعجاز القرآن العلمي - وذلك مثل الجاحد المصر على الكفر عندما تعرض عليه الرسالة الإسلامية يضيق صدره عنها ويتبرم بها ويعرض عنها ﴿كَذلِكَ﴾ أي على ذلك النحو المذكور ﴿يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾ المصرّون على الكفر، فيخلّي بينهم وبين أنفسهم، ويحصل لديهم الخواء والشعور الرهيب بعدم جدوى الحياة وأن لا معنى لها ولا غاية، والرجس الخبث، المعنوي والحسّي، وهو هنا بمعنى العذاب الروحاني، راجع شرح آية [الأعراف: ٧/ ٧١].