يميلوا بشكل جازم نحو الحق أو نحو الباطل، ولكنهم في الوقت نفسه لم يصدّوا عن سبيل الله، ولم يقفوا في طريق الخير، فاستوت حسناتهم وسيئاتهم ﴿وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ لأن أصحاب الأعراف، رغم معرفتهم مسبقا بالنعيم الذي يؤول إليه أصحاب الجنة فإنهم لم يعملوا بالعمل المؤدي إليها، لكنهم يطمعون بدخولها رغم تقصيرهم السابق، والمقصود من قوله تعالى ﴿رِجالٌ﴾ أنهم أشخاص قد يكونوا من الجنسين، وليسوا رجالا بالتحديد دون النساء، بدليل قوله سبحانه في الآية (٤٨):
﴿وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً﴾ أي أشخاصا من أصحاب النار.
٤٧ - ﴿وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النّارِ﴾ لكي يعاينوا مصير أصحاب النار ﴿قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ بعد أن فاتتهم الأعمال التي تبعد العذاب عنهم.
٤٨ - ﴿وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ﴾ أصحاب الأعراف ينادون أفرادا من أصحاب النار يعرفونهم بسيماهم، أي يعرفون أنهم قاموا بالأعمال التي أدّت بهم إلى النار، فيقولون لهم: ﴿قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ﴾ أي ما أغنى عنكم جمعكم للمال، ولا أغنى عنكم جمعكم الكبير وكثرتكم ﴿وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ وما أفادكم استكباركم عن قبول الحق، ولا استكباركم على الناس.
﴿أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ (٤٩)
٤٩ - ﴿أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ﴾ تتمة كلام أصحاب الأعراف إلى أصحاب النار، وهم يشيرون إلى أصحاب الجنة ممّن كان أصحاب