نزلت في السنة السادسة بعد البعثة كما هو واضح من الإشارة لهزيمة روم بيزنطة على يد الفرس في سنة ٦١٦ م أي ست سنوات بعد البعثة، وقد نتج عنها احتلال الفرس للشام ومصر وآسية الصغرى، فلمانزلت النبوءة المذكورة بالآيات (٢ - ٥) بأن النصر سوف يتحقق للروم بعد ذلك في بضع سنين (أي خلال ٣ - ٩ سنوات) قابلها مشركو قريش بالتهكم وبالازدراء، وكانوا قبلها يعيّرون المسلمين بأن مجوس الفرس انتصروا على أهل الكتاب، ثمّ في العام ٦٢٢ م تمكن الروم من هزيمة الفرس في معركة إيسّس Issus فأخرجوهم من آسية الصغرى، وفي العام ٦٢٤ م نقلوا المعركة إلى قلب فارس، وتزامن ذلك في الجزيرة العربية مع وقعة بدر وهو ما تشير له الآية (٥) عندما يفرح المؤمنون.
(ارتباط السورة بما قبلها) في أواخرسورة العنكبوت المتقدمة أن الحياة الدنيا لهو ولعب وأن حياة الآخرة هي الحياة الحقيقية: ﴿وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٦٤/ ٢٩)، وفي سورة الروم أنّ الكفار مغترّون بظاهر الحياة الدنيا وغافلون عن حقيقة الدنيا والآخرة: ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ﴾ (٧/ ٣٠).
وفي سورة العنكبوت أن القرآن الكريم أكثر من كاف لهداية ذوي العقول النّيرة: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً﴾