للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾ (٦)

٦ - ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ﴾ ألم ير مشركو مكة خاصة، والكفار عموما، كم أهلك تعالى من الأجيال والحضارات من قبلهم، من الذين مكّنهم تعالى في الأرض فجعل لهم فيها ملء التصرف والاستقلال، وسخّر لهم من وسائل العلم والعيش والنعم والرفاه ما لم يعطه تعالى لمشركي مكة وللكفار من غيرهم، وتغيير الخطاب من الغائب إلى المخاطب لأن المعنيين ليسوا كفار قريش فقط بل الكفار في كل عصر ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً﴾ المطر الغزير ﴿وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ﴾ لأن الماء هو أساس حياتهم وحضارتهم ﴿فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ فكان الهلاك عاقبة لذنوبهم، ومترتّبا عليها، ونتيجة طبيعية لها، كما هي سنته تعالى في خلقه، والمغزى فليعتبر المشركون والكفار بهلاك أمثالهم من الأمم قبلهم ولا يغترّوا بمقدرتهم وبعلومهم وبالنعم التي يرفلون فيها، فلكلّ شيء عاقبة ونتيجة ترتبط به ارتباط السبب بالمسبّب ﴿وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ﴾ حلّت مكانهم مجتمعات وحضارات أخرى، التاريخ حافل بأمثلتها.

﴿وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (٧)

٧ - ﴿وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ بعد أن بيّن تعالى حقيقة التوحيد (الآية ١)، وبرهان البعث من جديد (الآية ٢)، وأظهر كمال علمه بالباطن والظاهر (الآية ٣)، ونهى عن التقليد، وأوجب النظر في الدلائل (الآية ٤)، وأن الناس مع ذلك بين مكذّب ومستهزئ (الآية ٥)، وحضّ الناس على الاعتبار بمصير الأمم من قبلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>