اختتمت سور الأحزاب المتقدمة بأن الإنسان، من بين جميع المخلوقات، حمل العبء الثقيل للأمانة التي أمكنته من حرية الخيار الأخلاقي بين الحق والباطل، والصواب من الخطأ، وهذا العبء تكريم منه تعالى لبني آدم، وهو تكريم لم تنله حتى الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ثم إن الأكثرية من الناس لم تكن بمستوى هذه المسؤولية: ﴿إِنّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ (٧٢/ ٣٣)، وإن حال الإنسان في الآخرة مترتبة على نتيجة خياره الأخلاقي في الدنيا: ﴿لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (٧٣/ ٣٣)، ثم تفتتح سورة سبأ بأنّ الله تعالى مستحق الحمد في الآخرة لتحقق العدالة بها على أتم وجه: ﴿وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ﴾ (١/ ٣٤)، وأن الذين أوتوا العلم من بني آدم على يقين من تحققها: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (٦/ ٣٤).
وفي سورة الأحزاب أن المشكّكين يسألون عن الساعة: ﴿يَسْئَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً﴾