٨٣ - ﴿وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ﴾ من نوع الظالمين المشار إليهم بالآية السابقة ﴿أَعْرَضَ﴾ عن الهدى، وظنّ أن ما توصّل إليه من نعم الدنيا ناتج عن حوله وقوّته لا غير ﴿وَنَأى بِجانِبِهِ﴾ كناية عن استكباره ﴿وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ﴾ من فقر أو مرض أو مصيبة من المصائب ﴿كانَ يَؤُساً﴾ كان شديد اليأس من رحمة الله، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ﴾ [يوسف ٨٧/ ١٢]،
٨٤ - ﴿قُلْ كُلٌّ﴾ من الناس ﴿يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ﴾ على استعداده، أي بحسب ميوله ومكوّناته الشخصية، وما شاكل جوهر نفسه من طهارتها أو كدرها وخسّتها ﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً﴾ الله تعالى أعلم بمن يسير على الاستقامة، أو ينحرف نحو الغشّ والضلال وخداع النفس، فأنّى للآخرين قسره على الهداية،
٨٥ - ﴿وَيَسْئَلُونَكَ﴾ أيها النبي ﴿عَنِ الرُّوحِ﴾ أي عن الوحي القرآني وطبيعته وماهيّته، لقوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا﴾ [الشورى ٥٢/ ٤٢]، فسمّى الوحي روحا، ولأنّ النظم من الآية (٨٢) حتى الآية (٨٩) يدور كله حول الوحي ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ في علمه واستئثاره ﴿وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً﴾ ما لا يمكّن الإنسان من الإحاطة إلاّ بجزء قليل من الغيبيّات،
٨٦ - ﴿وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ﴾ وهذه الآية جواب على سؤالهم بالآية (٨٥)﴾ عن طبيعة الوحي، والمعنى أنّه من دون الوحي الإلهي يبقى