للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخلفون في الأرض الذين هلكوا بالغرق، وفيه إشارة إلى الآية (١٤) ﴿وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ﴾ عاقبة المصرّين على التكذيب الذين تمّ إنذارهم، بالمقارنة مع نجاة المؤمنين، وهي العبرة من الآية.

﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ﴾ (٧٤)

٧٤ - ﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ﴾ من بعد نوح ﴿رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ﴾ إشارة إلى أنّ الأنبياء قبل محمد كانوا يبعثون كلّ إلى قومه حتى كانت بعثة خاتم الأنبياء والرسل الذي بعث إلى الناس كافة ﴿فَجاؤُهُمْ﴾ أي كل رسول إلى قومه ﴿بِالْبَيِّناتِ﴾ لكلّ قوم بحسب المستوى العقلي والفكري الذي كانوا عليه ﴿فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ لما شبّ عليه الأكثرون من التمسّك بتقليد من قبلهم ﴿كَذلِكَ﴾ بمثل هذه السنّة التي اطّردت في أمثالهم ﴿نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ﴾ قال الزمخشري: الطبع كناية عن عنادهم ولجاجهم، وهو واضح من إسناد الاعتداء إليهم ووصفهم به، وأضاف الألوسي أنّ من عاند وثبت على العناد خذله الله تعالى ومنعه التوفيق واللطف، وفي المنار أن علاقة الاعتداء بالطبع على القلوب، كعلاقة العلّة بالمعلول، والسبب بالمسبّب، وسنته تعالى في دوام كل منهما بدوام الآخر وليس ما قد يفهمه بعض مدّعو الجبرية.

﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ﴾ (٧٥)

٧٥ - ﴿ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ من بعد أولئك الرسل ﴿مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ﴾ إلى فرعون وكبار قومه، وتسميتهم بالملأ لأنّ أولو الأمر يملأون الأعين والنفوس، وتخصيصهم بالذكر لأنهم المعنيّون باتخاذ القرار ﴿بِآياتِنا﴾ وهي الدلائل على الوحدانية وحقيقة الخلق ﴿فَاسْتَكْبَرُوا﴾ عن دعوة موسى والإقرار بها ﴿وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ﴾ كان شأنهم ودأبهم الإصرار على الكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>