٢٨ - ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ﴾ أي لا يمكن أن أكون قاتلا، فهذا مناف للتقوى ﴿إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ﴾ بأن أصبح قاتلا، فهو يعظ أخاه ليثنيه عن محاولة القتل، وليس في الآية ما يفيد عدم دفاعه عن نفسه، وإنما هي موعظة لأخيه وتأكيد عدم إقدامه على القتل، وفي الحديث:«إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قيل يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال كان حريصا على قتل صاحبه».
٢٩ - ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ وهي تتمة موعظة الرجل لأخيه، وقد ذكر الزجّاج أن تقدير الآية: إني أريد - أن تكفّ عن قتلي كراهة - أن تبوء بإثم قتلي، وإثم فعلك الذي من أجله لم يتقبّل قربانك.
وهذا الحذف أو الإضمار - قبل حرف أن - شائع في التنزيل، كقوله تعالى:
﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ٤/ ١٧٦]، أي كراهة أن تضلوا أو لئلاّ تضلّوا، وقوله ﴿وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ [النحل: ١٦/ ١٥] أي كراهة أن تميد بكم، وغير ذلك من إضمار الجمل أو إضمار المضاف كثير،
﴿فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ﴾ المعنى: أخاف عليك يا أخي أن تكون عاقبتك في النار، فهي جزاء الظالمين لا محالة.
٣٠ - ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ﴾ رغم كل المواعظ من أخيه فإنّ نفسه الأمارة بالسوء ذللت له أمر القتل فأطاعها ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ خسر أخاه، وخسر نفسه في الدنيا والآخرة.