للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾

﴿أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (١)

١ - ﴿أَتى أَمْرُ اللهِ﴾ المراد به يوم القيامة، واستخدام الفعل الماضي لتأكيد تحققه لا محالة فكأنه وقع، وقد يكون المراد به العذاب المشار إليه بالآية (٢٦) المترتّب على تفسخ المجتمعات الجاحدة وفسادها وانهيارها ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ لأن الكفار والمشكّكين في موقع التحدّي والسخرية، وقت البعثة، وفي كل عصر، لأنه بنزول العذاب تنتهي فترة اختبار الإنسان ويصبح الإيمان إلجاء فيخلو من أي خيار أخلاقي، فالاستعجال إذن من شأن الجاهلين والحمقى،

ومع ذلك فالكفار مصرّون على الشرك: ﴿سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ والشرك هنا بمعنى التهالك على الدنيا والمادة وطلب الجاه والزعامات وتكديس المال والثروات واعتبارها هدفا نهائيا بذاتها، وأيضا إعجاب ذي الرأي برأيه، فأمثال هؤلاء المشركين منكرون للآخرة والمسؤولية والحساب، عابدون لشهواتهم ودنياهم وأهواءهم.

﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاتَّقُونِ﴾ (٢)

٢ - المشركون المشار إليهم آنفا حريصون على دنياهم، غافلون عن الوحي الذي نزل على الرسل: ﴿يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ﴾ الروح هو الوحي لأنه يحيي النفوس التي ماتت بالشرك والجهل والتهالك على الدنيا والغفلة ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ في الوحي، و ﴿مِنْ﴾ للتبعيض، لأن الوحي لا يتنزّل بكل أمور الغيب، وإنما فقط بما يحتاجه العباد لدنياهم وآخرتهم ﴿عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ فالله أعلم حيث يجعل رسالته ﴿أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا﴾ الرسل جميعا جاؤوا برسالة التوحيد ما يوجب التقوى من الشرك: ﴿فَاتَّقُونِ﴾،

<<  <  ج: ص:  >  >>