للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿يَأْتِيهِمْ﴾ في أجله ووقته المحدد ﴿لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ﴾ لا يصرفه عنهم صارف، واستخدام الجملة الاسمية لتأكيد وقوع العذاب بهم ﴿وَحاقَ بِهِمْ﴾ أي وسوف يحيط بهم من كل جانب، واستخدام الفعل الماضي لتأكيد تحقق وقوعه في وقته حتى كأنه وقع بالفعل ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ أحاط بهم ما كانوا يستعجلونه من العذاب.

﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ﴾ (٩)

٩ - هذه الآية بيان لحال الكفار خاصة - المشار إليهم سابقا - والإنسان عامة: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً﴾ كأنواع النعم من صحة وأمن ورزق ﴿ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ﴾ عندما يقع في مرض وعسر وفتن بما يحدث من الأسباب بمقتضى سنته تعالى في الخلق ﴿إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ﴾ في هذه الحالة يكون شديد اليأس من الرحمة، شديد الكفران لغيرها من النعم التي لا زال يتمتع بها، فضلا عمّا سلف منها، فهو يجمع بين اليأس ممّا نزع منه، والكفر بما بقي له من النعم، والخطاب عن جنس الإنسان عامّة، فهنالك الكثيرون الذين مع كونهم مؤمنين بالله، إلا أنهم بسبب ضعف إيمانهم سريعي التأثر بالعوامل الخارجية وخاصة بما ينزل بهم من نوائب، ثم استثنى تعالى في الآية (١١) الصابرين منهم.

﴿وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ (١٠)

١٠ - ﴿وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ﴾ لفظ الإذاقة يفيد أنّ الإنسان يقع في التمرد والطغيان بمجرّد أن ذاق القليل من الخيرات العاجلة مع أن هذه الخيرات ليست سوى متاع قليل في جنب الآخرة، والنعماء إنعام يظهر أثره على صاحبه، والضرّاء مضرّة يظهر أثرها على صاحبها ﴿لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي﴾ أي ذهب أثر السيئات عنّي - بحذف المضاف -، ويعزو ذلك إمّا لمجهوده المحض أو للصدف والحظ! ﴿إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ﴾ شديد الفرح حتى أنه يبطر النعمة ويستكبر ويتعالى على الناس ويرى أنّ ما تحقق له من خير نتيجة لجدارته، أو مجرّد حظ واتفاق الصدف، لا نعمة منه تعالى، فهو لا يقابل حصول النعمة

<<  <  ج: ص:  >  >>