للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٥٢)

٥٢ - ﴿وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ﴾ وهو القرآن ﴿فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ﴾ فيه تفصيل كل ما يحتاج إليه الإنسان من أمور الدين والعقائد، والكتاب على علم، أي مشتمل على العلم اليقيني لعالم الشهادة والغيب، وليس علم الظن والتخمين ﴿هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ فهو هدى ورحمة للذين لديهم استعداد للإيمان، وفي ذلك عودة الخطاب لأول السورة.

﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (٥٣)

٥٣ - ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ تَأْوِيلَهُ﴾ ينظرون أي ينتظرون، والتأويل هو المآل أو عاقبة الأمر، والمعنى ماذا ينتظرون حتى يؤمنوا بالقرآن؟ هل ينتظرون ما تؤول إليه الأمور؟ أي تحقق ما وعدوا به، والمآل يكون تدريجيا في تحقق ما أخبر به القرآن عن الغيب، وقد يكون موتهم، ثم يكون التأويل النهائي يوم القيامة ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ﴾ أي ما يؤول إليه الأمر يوم القيامة ﴿يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ﴾ يومئذ تزول كل شبهة لدى الذين نسوه أي لم يلقوا إليه اهتماما، وما اهتدوا به ﴿فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا﴾ يتمنّون شفاعة الشفعاء لأن ضلالهم في الدنيا زيّن لهم شفاعة من يعبدون من دون الله ﴿أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنّا نَعْمَلُ﴾ أيقنوا بعد فوات الأوان أنّ النجاة والسعادة لا يكونان إلا بالإيمان المقترن بالعمل الصالح، وليس بالاعتماد على شفاعة الشفعاء ﴿قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ وأي شيء أكبر من خسارة النفس ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ تبيّن لهم ضلال ما كانوا يفترون من شفاعة من يعتقدون من الشفعاء، كالأولياء والأحبار والقديسين وكبار رجال الدين، والمسيح الذي افتدى خطاياهم سلفا بزعمهم، فركنوا إلى ذلك في حياتهم الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>