للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا﴾ فنحن متمسكون بتقليدهم لأنه كان فيهم الحكماء والعلماء ولا يعقل أنهم كانوا على خطأ، وهذه الشبهة الثانية، والمعنى أنهم رفضوا إعمال عقولهم في الرسالة واعتبروا عقول الآباء خيرا من عقولهم ﴿فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ فهل من معجزة خارجة عن استطاعة البشر تؤيد قولكم؟ وهي الشبهة الثالثة.

﴿قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (١١)

١١ - ﴿قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ إقرار أن الأنبياء ليسوا سوى بشر مثل غيرهم من الناس ثم لم يذكروا فضلهم على غيرهم تواضعا منهم واقتصروا على القول: ﴿وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ الله تعالى يمنّ بالنبوة على من هم أهل لها من عباده ﴿وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ﴾ ما جئنا به من الرسالة كاف لغير المكابر والمصر على التقليد، وهو حجة عقلية قاطعة، أما ما تطلبون من المعجزات القاهرة فقد تصبح نوعا من الإلجاء الخارجي وعند ذلك يفقد الإيمان صفته الأخلاقية والفكرية والعقلية في حين على الإنسان أن يتوصل للإيمان بطريق الدليل والعقل ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ فما علينا إلا البلاغ،

﴿وَما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ (١٢)

١٢ - ﴿وَما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا﴾ كيف يليق بنا وأي عذر لنا في ألاّ نتوكل على الله، وأي شيء يمنعنا من التوكل عليه بعد أن هدى كل واحد منا إلى الطريق الصحيح وعرّفنا الحق من الباطل ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا﴾ ونتحمل الحرمان والاضطهاد لما تفرضه علينا مسؤولية الرسالة، ولا بد للحق أن ينتصر من الباطل ﴿وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ في دفع شرور الكفار، لأنه هو مالك الأمر كله، وهو يحمي العاملين المتوكلين عليه من أخطار المجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>