للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون أحاديث السر بينهم لا تستهدف الخير ﴿إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ﴾ استثنى تعالى نجوى المؤمنين، ما كان منها لأعمال الخير، وهي المتعلقة بالصدقات، لأن الجهر بها قد يؤذي مشاعر المستفيدين منها، والمتعلق منها بالمعروف وهو عام في كل جميل، والمتعلق منها بالإصلاح بين الناس كمفاوضات الصلح السرية ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ اِبْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ﴾ وليس للرياء والسمعة والتفاخر ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ لأن الأجر مرتبط بسلامة النية، وفي الحديث «إنما الأعمال بالنيات».

﴿وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً﴾ (١١٥)

١١٥ - ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ﴾ أي من ينشقّ عنه وعن سنّته ﴿مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى﴾ بعد ما تبين له صحة دين الإسلام، والواضح أن الكلام عن المنافقين وضعاف الإيمان ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ غير سبيل الإسلام ﴿نُوَلِّهِ ما تَوَلّى﴾ أي إنه تعالى جلّ شأنه يتركه لحرية خياره، وهو تأكيد على حرية اختيار الإنسان لأعماله، فالإيمان لا يكون قسرا ﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً﴾ فيكون هو الجاني على نفسه إذا اختار الضلال بعد أن تبين له الهدى، لأن سنة الله اقتضت أن يتحمل الإنسان عاقبة خياره الحر،

وأمثال هؤلاء يكونون من المغضوب عليهم، المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ١/ ٧] لكون الهدى قد تبيّن لهم، بخلاف الضالّين ممّن لم تبلغهم الرسالة، المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿وَلا الضّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ١/ ٧].

﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً﴾ (١١٦)

١١٦ - بعد أن أوضحت الآيات (١٠٥ - ١١٥) أحوال الخائنين والمنافقين، تنتقل السورة لبيان أحوال المشركين:

<<  <  ج: ص:  >  >>