للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ فيجازيكم به.

﴿كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ (٩٣)

٩٣ - وهنا تعود السورة للحديث عن بني إسرائيل موضوع الآيات (٢١ - ٢٧) والآيات (٦٤ - ٨٣)، وإذ لم يجد أحبار اليهود مبررات جوهرية للطعن في بعثة محمد من حيث جدارتها وسمّوها، فتوجّهوا للاعتراض على التفاصيل والشكليات، فقد زعموا أنّ النبي قد حلّل أطعمة كانت محرّمة عندهم،

قال تعالى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ﴾ [الأنعام: ٦/ ١٤٥]، أي كل شيء عدا هذه الأصناف الأربعة فهو حلال.

وقد أجابهم تعالى على دعواهم تحريم ما لم يحرّمه الله بقوله جلّ ثناؤه: ﴿كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ﴾ إسرائيل هو يعقوب ابن اسحاق ابن إبراهيم ، وما حرّمه إسرائيل على نفسه من الطعام قد يكون من قبيل الاجتهاد أو الذوق الشخصي أو لسبب مرضي، ويحتمل أنّ من بعده ألزموا أنفسهم بذلك فتكون النتيجة هي ما حرّمه بنو إسرائيل على أنفسهم بحكم العادات والتقليد ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ﴾ لأنّ التوراة نزلت على موسى بعد زمن يعقوب بحوالي سبع مئة عام ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أي هاتوا التوراة الأصلية التي نزلت على موسى، فليست العبرة بالكتب المشتملة على البدع ممّا كتبه أحباركم.

وقد ورد هذا الموضوع أيضا بقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اِخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنّا لَصادِقُونَ﴾ [الأنعام:

٦/ ١٤٦]، والذي يبدو من سياق هذه الآية أن التحريم المذكور في كتب اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>