للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتمدون على غيرهم في معاشهم، كالعمال الذين يصبحون من مسؤولية أرباب العمل، فإذا كان الله قد فضّل بعضهم على بعض في الأرزاق، فالذين فضّلوا لا يقبلون التنازل عمّا يملكون من امتيازات للذين فضّلوا عليهم ﴿فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ﴾ حتى يصبحوا هم وما ملكت أيمانهم على مستوى واحد في الرزق، فمن البديهي أنهم لا يقبلون ذلك، فكيف للمشركين أن يساووا الله تعالى الذي بيده مقاليد الأمور كلها مع الشركاء المزعومين الذين يدعونهم من دون الله؟ ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ كيف لهم إنكار النعمة التي فضّل بعضهم على بعض بها؟ في حين لا يقبلون التنازل عن امتيازاتهم للذين فضّلوا عليهم؟

ومع ذلك فقد أوضح الحديث الشريف أن الذين فضّلوا على غيرهم بالرزق يجب أن يعاملوا الذين فضّلوا عليهم كإخوان لهم، فقد روى البخاري وغيره عن النبي قوله: «هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فليعنه عليه»،

﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ (٧٢)

٧٢ - ﴿وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ المرأة زوج الرجل، والرجل زوج المرأة، كلاهما زوج الآخر ﴿وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ﴾ الرزق الطيب الحلال ﴿أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ﴾ يؤمنون رغم ذلك بالأصنام وبالأوهام وبالشركاء المزعومين؟ ويحرّمون الطيبات على أنفسهم ﴿وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ ويكفرون بما أنعم عليهم الله تعالى من الرزق؟ بل قد يزعمون أن الرزق جاءهم عن طريق الشركاء الذين يتوهمون؟

﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>