الاستفادة من ملكاته العقلية قبل أن يقضي عليها الهرم: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾ (٦٨/ ٣٦).
[محور السورة]
أن لا سبيل لسماع من أصرّ على إنكار الحقيقة: ﴿وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٠)، وأن الله تعالى لم يترك عذرا بالجهالة لأحد فبعث موسى وعيسى في مهبط الرسالات - القرية - ثم عزز بعثتهما ببعثة النبي الأحمد خاتم الأنبياء والرسل للناس كافة: ﴿إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اِثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ (١٤)، لكنّ الأكثرية درجوا على تكذيب الرسل رغم كل الدلائل التي تؤيدهم: ﴿يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ﴾ (٣٠)، وفضّلوا عبادة الأوهام والمادة والسلطة والقيم الزائفة، خلافا للفطرة السليمة، وخلافا للعهد المأخوذ عليهم في الأصلاب: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ (٦٠)، ولم ينتهزوا فرصة العمر قبل فواتها بالهرم وتدهور المدارك العقلية: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ﴾ (٦٨)، بل إنهم يجادلون الحق بالباطل وقد نسوا مهانة خلقهم: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ (٧٧).
﷽
﴿يس﴾ (١)
١ - ﴿يس﴾ قد تكون من الحروف المقطعات، انظر [البقرة ١/ ٢]، و ﴿يس﴾ أيضا بلغة قبيلة طيء تعني أيها الإنسان، أو يا أنيسن بالتصغير كما يقال يا بنيّ تحببا، والخطاب موجّه بالدرجة الأولى للنبي ﷺ وفي النداء إشارة لكون النبي ﷺ بشرا، وليس فوق جنس البشر، والخطاب أيضا موجّه إلى البشر عموما، كما هي الحال في سورة (طه) بمعنى يا رجل، أو أيها الإنسان.