للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿ذلِكَ﴾ الإشارة إلى نعمه تعالى من جعل الحرم آمنا، زمانا ومكانا، حتى الصيد حرّمه تعالى على المحرمين ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ﴾ أي هذه النعم من جعل الحرم آمنا، زمانا ومكانا، وفوائده المذكورة، دليل على علمه تعالى بخفايا الأمور وبمصالح عباده، فقد ألقى في قلوب العرب من التعظيم والمهابة للحرم وللأشهر الحرم بما يقوم من معايشهم ومصالحهم، رغم ما كانوا عليه من طباع الغلظة والحروب الأهلية وحب الاقتتال والإغارة والغزو والسلب والنهب، ولولا هذه الهدنة السنوية التي تمتد على الثلث من كل عام لاستمر اقتتالهم على مدار العام دون هوادة، ولانهارت أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية إلى الحضيض، فمن علمه تعالى بحالهم أن منّ عليهم بالحرم والأشهر الحرم ﴿وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ بالدقائق والتفاصيل والخفايا.

﴿اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٩٨)

٩٨ - بعد أن ذكر تعالى من أنواع رحمته بالناس، بيّن هنا أنه شديد العقاب لمن عصاه ﴿اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ لمن انتهك المحارم ﴿وَأَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ لمن حافظ عليها.

﴿ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ﴾ (٩٩)

٩٩ - ﴿ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ﴾ أي إن مهمة الرسول - وبالتالي مهمة كل مسلم كفؤ - محصورة في البلاغ، ويتحمل الناس مسؤولية أعمالهم، انظر آية [فصّلت: ٤١/ ٤٦]، وحسابهم من ثواب وعقاب على الله ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ﴾ محيط بعلانيتكم ونواياكم فيحاسبكم على أعمالكم.

﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (١٠٠)

١٠٠ - قال الرازي: بعد أن زجر تعالى عن المعصية، ورغّب في الطاعة (الآية ٩٨)، ثم أتبع ذلك بالتكليف، وبأن ما على الرسول إلا البلاغ، وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>