للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشركنا ولا أشرك آباؤنا، ولا حرّمنا من الحرث والأنعام ما نحرّم، ولا شرّعنا ما نشرّع، كأنهم غير مخيّرين في استخدام ملكاتهم العقلية، وقد أجابهم تعالى بقوله ﴿كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا﴾ أي إن مثل هذا القول كذب، سبقكم إليه أقوام من قبلكم وأصرّوا عليه، حتى استوجبوا لأنفسهم العذاب ﴿قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا﴾ أي هل عندكم من علم يقيني فتظهروه لنا؟ بأن الله قد أمركم بتعطيل عقولكم؟ أو للبرهان على ما تدّعونه من الجبرية، وأن ما تقومون به مقدّر ومحتّم عليكم؟ ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ﴾ والظن لا يغني عن العلم ﴿وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ﴾ أي تكذبون الكذب المبني على الحزر والتخمين.

﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (١٤٩)

١٤٩ - ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ أي أنّ حجّتكم بالجبرية باطلة، لأن الله تعالى أزال الأعذار والموانع عنكم، وأعطاكم العقول والأفهام، وأمكنكم من حرية الخيار، وأقدركم على الخير والشر، فإن شئتم عملتم صالحا، وإن شئتم عملتم بالمعاصي والمنكرات، وأمّا علم الله القديم بما هو كائن وما سوف يكون، وبالتالي أن لا مفر ممّا هو مقدّر، والذي هو من صفات الألوهية، فليس من الجبرية ولا يناقض الحرية التي منحها تعالى للبشر ﴿فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ أي لو كان هنالك جبرية لكانت في حملكم على الإيمان والطاعة وليس العكس، ولكن الإجبار على الإيمان، والإكراه على الطاعة يبطلان الحكمة من التكليف ويجرّدان الأخلاق والفضيلة من معناها.

﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ (١٥٠)

١٥٠ - ﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا﴾ المطلوب إحضار جماعة من أهل العلم، أو كتب سماوية غير محرّفة، تشهد بصحة ما

<<  <  ج: ص:  >  >>