١٣ - ﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ﴾ أي بسبب نقضهم الميثاق المذكور في الآية السابقة أخرجهم تعالى من رحمته، ومن نقضهم الميثاق أنهم عاندوا موسى وعصوه، انظر الآيات (٢٢ - ٢٤)، وعبدوا العجل، ودخلوا فلسطين طغاة متجبرين بدلا من الدخول دعاة متواضعين، انظر آية [الأعراف: ٧/ ١٦٢] ونشروا الفساد، وفي العموم فشلوا في حمل الرسالة الإلهية، وكذّبوا الرسل وقتلوا منهم العديد، ثم كفروا ببعثتي عيسى المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام ﴿وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً﴾ أي صارت قلوبهم بعيدة عن قبول الحق والإذعان للدلائل، وهذه من سنن الله تعالى في الخلق بأنّ الأعمال السيئة والتمسك بالاعتقادات الخاطئة تؤثر في نفوس أصحابها سلبا، وبما أنه تعالى قد سنّ قوانين الطبيعة بأكملها فهو تعالى ينسب «جعل القلوب قاسية» إلى ذاته العلية، مع أنّ القسوة نتيجة خيار حر من بعض البشر، وليست جبرا مفروضا عليهم، ولو كان تعالى قد خلقها في قلوبهم ابتداء لاستحال أن يعاقبهم عليها، ونظيره قوله تعالى:
﴿خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: ٢/ ٧].
﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ﴾ الكلم جمع كلمة، والمعنى أن أحبار اليهود تلاعبوا ويتلاعبون بكلام الوحي الذي نزل على موسى، وحرّفوه ويحرّفونه لفظا ومعنى، ويكتبون من عندهم وينسبون كتاباتهم إلى الوحي، وذلك واضح من تاريخ كتبهم المقدسة:
يطلق على مجموعة الكتب المقدسة عند اليهود اسم «العهد القديم» وهي مكوّنة من ٣٩ سفرا، كما يطلق على الأسفار الخمسة الأولى منها اسم Pentateuch أي «الأسفار الخمسة» اختصارا، وهم يسمونها التوراة مجازا رغم