للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم الاقتصار على الشكليات، ثمّ البحث في الأبعاد الاجتماعية لذلك حفاظا على الأرواح والممتلكات (تشريع القصاص في الآية السابقة)، وتشريع الوصية في هذه الآية حفاظا على توزيع المال بالشكل العادل:

﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ المراد حضور علامات الموت كالمرض الشديد، وفي الحديث: «ما حقّ امرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده»، ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْراً﴾ قالوا إنّ لفظ الخير في هذه الآية مختص بالمال الكثير ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ وهو تأكيد على وجوب الوصية، وقد ورد وجوب الوصيّة أيضا في سورة المائدة [المائدة ٥/ ١٠٦]، وفي آية المواريث بقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء ٤/ ١٢]، وتنصرف الوصية إلى ما لا يزيد عن ثلث المال كما في الحديث الشريف، وهي أولا للوالدين بالإضافة لما نصّت عليه آية الإرث [النساء ٤/ ١١] أي في حال حاجتهم ووجود الخير الكثير في التركة، وثانيا الأقربين ممّن لا يرثون الشخص من أقاربه، وثالثا لأعمال الخير ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ التكليف بالوصية واجب على المتقين، فبالأحرى أن يعمّ المتقين وغيرهم،

﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (١٨١)

١٨١ - ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ كلمة إنّما للحصر أي من بدّل محتوى الوصية أو بدّل ما سمعه أو علم به من الوصي فيتحمّل وحده إثم التبديل، ولا يأثم من استفاد من التبديل من دون علمه، لأنّه تعالى لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ﴿إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ فهو تعالى سميع للوصية عليم بها، ولا يخفى عليه تبديلها.

﴿فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>