﴿وَاِبْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ﴾ من الأموال والنعم الكثيرة ﴿الدّارَ الْآخِرَةَ﴾ بالإنفاق في وجوه الخير بما يكون وسيلة إليها ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا﴾ في الأمور المباحة، لا تنس العمل فيها لآخرتك بلا تزهّد ولا تنسّك، بل عليك التوسّط في الأمور، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ [البقرة ١٤٣/ ٢]، ﴿وَأَحْسِنْ﴾ للناس مطلقا بالمال والجاه وحسن اللقاء ﴿كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ﴾ بما أنت عليه من الغنى والجاه والرفعة ﴿وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ﴾ بما مكّنك الله من نعمه الكثيرة عليك، لا تستخدمها في الفساد والإفساد ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ الذين يستخدمون النعم الإلهية في الإفساد.
٧٨ - ﴿قالَ﴾ قارون لهم مفاخرا: ﴿إِنَّما أُوتِيتُهُ﴾ أي جمعت ما عندي من المال ﴿عَلى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ حصلت عليه بمهارتي وحذاقتي وخبرتي ومقدرتي، ولا دخل لله في ذلك ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ﴾ من الأمم المعتدّين بحولهم وقوّتهم ﴿مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً﴾ للمال والكنوز، فلا يغترّ بما عنده ﴿وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ في الآخرة، بل يحاسبون أنفسهم عليها، لقوله تعالى: ﴿اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً﴾ [الإسراء ١٤/ ١٧]، هذا في الآخرة، أمّا في الدنيا فالمجرمون عمي عن أخطائهم وجرائمهم، لا ينفع فيهم النصح والإرشاد.
٧٩ - ﴿فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ في مواكب من الزينة والبهرجة ﴿قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا﴾ من الذين أغرتهم الدنيا وغرّرت بهم ﴿يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ﴾ من الأموال ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ أي في دنياه.