أنّ هذه الآية حجّة على مدّعي النسخ في القرآن الكريم، لأنّ النسخ إبطال، والآية تنصّ أن لا يأتيه الباطل.
﴿وقد زعم الكفار في الماضي، كما في الحاضر، أن القرآن من عند محمد ﷺ فأغلقوا عقولهم عنه (الآية ٥) والأمر ليس بجديد، فإنكار الوحي الذي نزل على الرسل تكرّر على لسان الكفار في الماضي: ﴿ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ﴾ (٤٣)، والله تعالى يغفر للتائبين، ويلاقي المصرّون عاقبة كفرهم.
في حين أنّ القرآن شفاء من الشك والحيرة للمؤمنين ذوي الذهن المنفتح، وفي نفس الوقت هو عمى على المصرين على عدم السماع (الآيات ٥ و ٢٦) إذ لا يتيحون لأنفسهم فرصة لفهمه: ﴿وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ (٤٤) والقرآن نزل بلسان عربيّ مبين لأن الله تعالى اختار العرب لحمل الرسالة للعالم أجمع فوجب أن يكون القرآن بلغتهم،
وأن الاختلاف في الرأي والمعتقد مقصود في الخلق وليس مصادفة، إذ كرّم الله تعالى بني آدم بحرية الخيار لكي يستفيدوا - من تلقاء أنفسهم - من عقولهم ومن الوحي الذي نزل على الأنبياء، فليس من الضرورة أن يعاجل الكفار بالعقوبة في الدنيا: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (٤٥)﴾،