للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان علمه المحيط منذ الأزل، وحكمته تعالى أن يكون النصر للمؤمنين على الكفار، إذا اتخذوا الأسباب، وأعدّوا للأمر عدته وفق السنن الكونية الثابتة.

﴿إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً﴾ (١٠٥)

١٠٥ - عودة الخطاب لموضوع الآية (٨٨) لبيان أحوال الخائنين والمنافقين:

﴿إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ﴾ أي متضمّنا الحق ﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ﴾ بما في القرآن الكريم من الحكمة ﴿وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً﴾ لا تتهاون بتحري الحق ولا تغتر بافتراءات الخائنين، ولا تكن لهم خصيما أي تخاصم عنهم وتتورط بالدفاع عنهم بغير وجه حق، والخطاب ليس موجها للنبي خاصة، وإنما هو عام لكل من يحكم بين الناس كما هو واضح من الآية (١٠٩) حيث الخطاب بلهجة الجمع.

﴿وَاِسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (١٠٦)

١٠٦ - ﴿وَاِسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ لأن الإنسان قد يميل باعتقاده الشخصي أو بسبب صلة القربى أو الدين وغيرها لأحد الطرفين، فهذه الآيات تأمر بالمساواة بين الخصمين في القضاء، فلو مال الحاكم إلى أحد الخصمين بسبب حسن الظن به سلفا فقد يكون خصيما ومدافعا عن المذنب، وهو ما نهت الآية عنه فوجب الاستغفار منه.

﴿وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوّاناً أَثِيماً﴾ (١٠٧)

١٠٧ - ﴿وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ وهم المنافقون والمترددون بين الكفر والإيمان، لا تجد الأعذار لهم فهم غير صادقين مع أنفسهم ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوّاناً أَثِيماً﴾ فقد ظلموا أنفسهم باعتيادهم الخيانة والإثم.

﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>