٥٦ - ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ وهو السبب في استخفافه ﵇ بكيدهم ومكرهم السيئ ﴿ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها﴾ فليس من كائن حيّ من لا يستمدّ وجوده بالكلية من الله تعالى، وليس من كائن حي إلا وهو تحت القدرة العلوية الكاملة، والناصية مقدم شعر الرأس والعرب تكنّي به عن تمام الخضوع والاستسلام، ولذا خوطبوا بما تعارفوا عليه ﴿إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فهو يقضي دوما وفق الحق والعدل بصورة مطلقة، فلا يفلت الظالم من عاقبة عمله، ولا يفوت المحسن ثواب إحسانه، إن في الدنيا أو الآخرة، لأنّ الدنيا والآخرة مرحلتان من مراحل حياة الإنسان، والحياة تقاس بهما معا.
٥٧ - ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ تتولّوا عن دعوتي ﴿فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ﴾ أي أنّ مهمة الرسول مقتصرة على البلاغ وقد تمّت، وبالتالي لم يعد من عذر لهم بالجهل ﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ يكونون أفضل منكم باستخدام عقولهم، وتكون بذلك نهاية قومه ﴿وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً﴾ البشرية بحاجة إلى هداه وهو تعالى غني عن العالمين ﴿إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ رقيب محيط بشؤون العباد.
٥٨ - ﴿وَلَمّا جاءَ أَمْرُنا﴾ وهو الريح العاتية المشار إليها في سورة [القمر ١٩/ ٥٤ - ٢٠]، وسورة [الحاقة ٦/ ٦٩ - ٩]، ﴿نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا﴾ برحمة منه تعالى خاصة بهم ﴿وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ غير معهود لشدة فظاعته، وقيل هو عذاب الآخرة.