٥٠ - ﴿قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ لأن ضعاف العقول من أهل مكة، وغيرهم من الكفار والمشاغبين في كلّ وقت، توهّموا أن الرجل من البشر لا يكون رسولا إلاّ أن تكون له من خصائص الألوهية أو تكون له قدرات خارقة لا يستطيعها البشر، ويحتمل أنهم تكلموا على سبيل التعجيز، فأجابهم أن التصرف المطلق في الأمور هو لله القادر على كل شيء، فليس من موضوع النبوة أن يكون الرسول قادرا على التصرف بالمخلوقات وتغيير الأسباب والمسببات، ولا أن يكون مطّلعا على مطلق الغيب مما اختص به تعالى في علمه ﴿وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ بل أنا بشر مثلكم، والحاصل أن النبي ﷺ لم يدّع من صفات الألوهية، كما لم يدّع كونه ملكا، فكيف يطلب منه ما هو في قدرته تعالى وفي قدرة الملائكة فقط؟ وهو لم يقل سوى أنه عبد الله ورسوله؟ ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ﴾ وظيفتي ليست سوى طاعة الله، والبلاغ عن الوحي ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ﴾ شبّه الضال بالأعمى إذ عميت بصيرته، والمعنى أن من يتوقع مثل هذه الأمور من الرسول فهو أعمى البصيرة، فهل يستطيع أعمى البصيرة أن يسلك طريقه في الحياة الدنيا بالمقارنة مع الذي يتمتع بالرؤية الذهنية الروحية الحقة؟ ﴿أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ﴾ لأن الذي يفكّر ويستخدم العقل يقوّم رسالة النبي من حيث جدارتها، وليس بحسب ما يطلبون من خوارق.
والمغزى في هذه الآية أيضا النهي عن تأليه الرسول، وإيضاح أن جميع الرسل من قبله كانوا رجالا بشرا.
٥١ - ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ﴾ أي بالقرآن، والخطاب للنبي ﷺ ومن ثمّ لكل داعية في كل زمن - ﴿الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ﴾ الذين يتوقع أن يكون